الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الجدول في إعراب القرآن
.إعراب الآيات (11- 13): {إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (13)}.الإعراب: (بالإفك) متعلّق ب (جاؤوا)، (عصبة) خبر إنّ مرفوع (منكم) متعلّق بنعت ل (عصبة)، (لا) ناهية جازمة (شرا) مفعول به ثان (لكم) متعلّق بنعت ل (شرّا)، (بل) للإضراب الانتقاليّ (لكم) الثاني متعلّق بنعت ل (خير)، (لكلّ) متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (منهم) متعلّق بنعت ل (امرئ) (ما) حرف مصدريّ (من الإثم) متعلّق ب (اكتسب).. والمصدر المؤوّل (ما اكتسب...). في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر. الواو عاطفة (الذي) اسم موصول مبتدأ خبره جملة له عذاب.. (منهم) متعلّق بحال من فاعل تولّى (له) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ (عذاب).. جملة: (إنّ الذين...) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (جاؤوا...) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين). وجملة: (لا تحسبوه...) لا محلّ لها استئناف بيانيّ. وجملة: (هو خير لكم...) لا محلّ لها استئنافيّة مؤكّدة لما سبق. وجملة: (لكلّ امرئ.. ما اكتسب) لا محلّ لها استئناف بيانيّ آخر. وجملة: (اكتسب...) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما). وجملة: (الذي تولّى...) لا محلّ لها معطوفة على جملة لكلّ امرئ.. وجملة: (تولّى كبره...) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي). وجملة: (له عذاب...) في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذي). 12- (لولا) حرف توبيخ وتحضيض (إذ) ظرف للزمن الماضي مبنيّ متعلّق ب (ظنّ)، والواو في (سمعتموه) زائدة إشباع حركة الميم (بأنفسهم) متعلّق بمفعول به ثان الواو عاطفة (مبين) نعت لإفك مرفوع مثله. وجملة: (سمعتموه...) في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: (ظنّ المؤمنون...) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (قالوا...) لا محلّ لها معطوفة على جملة ظنّ. وجملة: (هذا إفك...) في محلّ نصب مقول القول. 13- (لولا) حرف توبيخ وتنديم (عليه) متعلّق ب (جاؤوا) بتضمينه معنى أشهدوا (بأربعة) متعلّق ب (جاؤوا)، (شهداء) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة الفاء عاطفة (إذ) ظرف للزمن الماضي متضمّن معنى الشرط في محلّ نصب متعلّق بمحذوف تقديره كذبوا، يفسّره مضمون الآية في قوله: (أولئك هم الكاذبون) (بالشهداء) متعلّق ب (يأتوا)، الفاء زائدة لربط الجواب بالشرط، (عند) ظرف منصوب متعلّق ب (الكاذبون)، (هم) ضمير فصل. وجملة: (جاؤوا...) لا محلّ لها استئنافيّة بيانيّة. وجملة: (لم يأتوا...) في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: (أولئك.. الكاذبون) لا محلّ لها في حكم جواب الشرط غير الجازم. الصرف: (الإفك)، اسم بمعنى الكذب أو هو أسوؤه، وزنه فعل بكسر فسكون. (امرئ)، اسم بمعنى الإنسان، وتحرّك الراء بحركة آخره، تقول جاء امرؤ، رأيت امرأ، مررت بامرئ، مؤنثه امرأة، والهمزة همزة وصل ولا يدخله (أل) التعريف إلّا نادرا على امرأة. (كبره)، اسم بمعنى معظم الأمر من كبر الثلاثيّ باب فرح وزنه فعل بكسر فسكون. البلاغة: 1- التعبير بالأنفس عن الآخرين: في قوله تعالى: (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً) فهذا التعبير ينطوي على أبعد النكت مرمى، وأكثرها حفولا بالمعاني السامية، والسر في هذا التعبير تعطيف المؤمن على أخيه، وتوبيخه على أن يذكره بسوء، وتصوير ذلك بصورة من أخذ يقذف نفسه ويرميها بما ليس فيها من الفاحشة، ولا شيء أشنع من ذلك. 2- الالتفات: في قوله تعالى: (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ) سياق الكلام أن يقول (لولا إذ سمعتموه ظننتم بأنفسكم خيرا وقلتم) حيث عدل عن الخطاب إلى الغيبة، وعن الضمير إلى الظاهر، ليبالغ في التوبيخ بطريقة الالتفات، وليصرح بلفظ الايمان، دلالة على أن الاشتراك فيه يقتضي أن لا يصدّق مؤمن على أخيه، ولا مؤمنة على أختها، قول غائب ولا طاعن. الفوائد: 1- حديث الإفك. جاء في صحيحي البخاري ومسلم، أن عائشة قالت: كنت مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في غزوة، بعد ما أنزل الحجاب، ففرغ منها ورجع، ودنا من المدينة، وأذن بالرحيل ليلة، فمشيت وقضيت شأني، وأقبلت إلى الرحل، فإذا عقدي انقطع، فرجعت ألتمسه، وحملوا هودجي، يحسبونني فيه، وكانت النساء خفافا يأكلن العلقة من الطعام، ووجدت عقدي، وجئت بعد ما ساروا، فجلست في المنزل الذي كنت فيه، وظننت أن القوم سيفقدونني فيرجعون إلي: فغلبتني عيناي فنمت، وكان صفوان قد عرس من وراء الجيش، فأدلج للاستراحة، فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي. واللّه ما كلمني بكلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حين أناخ راحلته، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا، موغرين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك فيّ، وكان الذي تولّى كبره منهم عبد اللّه بن أبي بن سلول. واشتكيت حين قدمنا المدينة شهرا، والناس يفيضون في قول أهل الإفك، ولا أشعر بشيء من ذلك، ويريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول اللّه اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل رسول اللّه، فيسلم ثم يقول: كيف تيكم؟ فذاك يريبني، ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعد ما نقهت، وخرجت معي أم مسطح قبل المناصح، ثم عدنا، فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح. قلت: بئس ما قلت! أتسبين رجلا شهد بدرا؟ قالت: أي هنتاه، أو لم تسمعي ما قال؟ قلت: وماذا قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضا إلى مرضي، فلما رجعت إلى بيتي استأذنت أن آتي أبوي، أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما، فأذن لي. قالت أمي: هوني عليك، لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها، ولها ضرائر إلا كثرن عليها. قلت: سبحان اللّه! وقد تحدث الناس بهذا؟ فبكيت تلك الليلة، حتى أصبحت، لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم. ودعا رسول اللّه علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، يستشيرهما في فراق أهله، فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول اللّه بالذي يعلم عن براءة أهله، وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود، وقال لرسول اللّه: هم أهلك ولا نعلم إلا خيرا. وأما علي بن أبي طالب، فقال: لم يضيق اللّه عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك، فدعا رسول اللّه بريرة يسألها: هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟ قالت: لا والذي بعثك بالحق، إن رأيت عليها أمرا قد أغمصه عليها أكثر من أنّها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله. وبكيت يومي ذلك، لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم. ثم بكيت ليلتي المقبلة، لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي. فبينما نحن على ذلك، دخل رسول اللّه، فسلم ثم جلس وتشهّد، ثم قال: أما بعد، يا عائشة، فإني قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك اللّه، وإن كنت ألمحت بذنب، فاستغفري اللّه وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب اللّه عليه. فلما قضى رسول اللّه مقالته قلص دمعي، حتى ما أحس من قطرة، فقلت لأبي: أجب عني رسول اللّه، فقال: واللّه ما أدري ماذا أقول لرسول اللّه، فقلت لأمي: أجيبي عني، فقالت: كذلك واللّه ما أدري ماذا أقول لرسول اللّه. قلت- وأنا جارية حديثة السن، لا أقرأ كثيرا من القرآن-: إني واللّه، قد عرفت أنكم سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم، وصدقتم به، فإن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني، وإن اعترفت لكم بأمر، واللّه يعلم أني بريئة، لتصدقوني. وإني واللّه ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف، فصبر جميل واللّه المستعان على ما تصفون، ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، فو اللّه ما رام رسول اللّه مجلسه، ولا خرج من أهل البيت أحد، حتى أنزل اللّه عز وجل على نبيه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي، حتى أنه لينحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي. فلما سري عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، وهو يضحك، كان أول كلمة تكلم بها أن قال: أبشري يا عائشة، أما اللّه فقد برّأك. قالت لي أمي: قومي إليه. قلت واللّه لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا اللّه الذي أنزل براءتي.. وكان أبو بكر ينفق على مسطح، فمنع ذلك، فنزل القرآن يحض على الإنفاق، فعاد أبو بكر لما كان عليه. 2- سماحة الإسلام وعفوه: أقسم أبو بكر بأنه لن ينفق على مسطح بعد اليوم، إذ قد مشى بحديث الإفك، وأشاع الفاحشة عن حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، ولم يرع فضل أبي بكر عليه، ولم يحفظ لسانه عن الغي والبهتان كما يأمر الإسلام، فما هو موقف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وموقف أبي بكر من هذا المستضعف الذي ليس له من يحميه لو أراد الرسول أن يبطش به، جزاء ما اقترف لسانه من زور وبهتان.. لك أن تتصور، أيها القارئ، ما تشاء من الجزاء ومن العقاب. قد لا يخطر ببالك أن رسول اللّه قد عفا عنه، وأن اللّه قد أوصى من سمائه بالصفح والعفو، وأن أبا بكر قد رجع عن قسمه، وأنه عاد ينفق عليه كالعادة وأحسن. تلك سماحة الإسلام، وذلك عفو الدين. وما أجمل العفو عند المقدرة، ومقابلة السيئة بالحسنة! 3- إقامة الحد: الذين تكلموا في عرض عائشة حرم الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم، وقذفوها بالزور والبهتان أربعة، وهم: عبد اللّه بن أبي، وحسان بن ثابت، ومسطح، وحمنة بنت جحش. وقد أنفذ فيهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أمر اللّه، وهو جلد القاذفين. 4- حسان بن ثابت يبرئ عائشة بشعره فيقول: 5- من أسرار تطور اللغة: كلمة (سبحانك): الأصل فيها أن تذكر لدى رؤية العجيب من صنائعه تعالى، ثم تطورت مع كثرة الاستعمال، حتى أصبحت تستعمل لدى أي شيء يتعجب منه. فتأمل تطوّر اللغة وفقهها. .إعراب الآيات (14- 15): {وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)}.الإعراب: (لولا فضل.. رحمته) مرّ إعرابها، (في الدنيا) متعلّق ب (برحمة)، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف اللام واقعة في جواب لولا (في ما) متعلّق ب (مسّكم)، و(في) سببيّة، و(ما) موصول، (فيه) متعلّق بفعل أفضتم (عذاب) فاعل مسّكم. جملة: (فضل اللّه..) موجود لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (مسّكم...) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم. وجملة: (أفضتم...) لا محلّ لها صلة الموصول (ما). 15- (إذ) ظرف للزمن الماضي في محلّ نصب متعلّق بمقدّر أي: أذنبتم أو أثمتم إذ تلقّونه. (تلقّونه) مضارع محذوف منه إحدى التاءين (بألسنتكم) متعلّق ب (تلقّونه)، (بأفواهكم) متعلّق بمحذوف حال من ما- نعت تقدّم على المنعوت، (ما) اسم موصول مفعول به في محلّ نصب، (لكم) متعلّق بخبر ليس (به) متعلّق بحال من (علم) وهو اسم ليس مؤخّر مرفوع (هيّنا) مفعول به ثان منصوب الواو واو الحال (عند) ظرف منصوب متعلّق ب (عظيم). وجملة: (تلقّونه...) في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: (تقولون...) في محلّ جرّ معطوفة على جملة تلقّونه. وجملة: (ليس لكم به علم...) لا محلّ لها صلة الموصول (ما). وجملة: (تحسبونه...) في محلّ جرّ معطوفة على جملة تلقّونه وجملة: (هو.. عظيم) في محلّ نصب حال من مفعول تحسبونه. البلاغة: المبالغة: في قوله تعالى: (وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ) والقول لا يكون إلا بالفم، فما معنى ذكر الأفواه؟ المراد المبالغة، أو يحتمل أن يكون أن هذا القول لم يكن عبارة عن علم قام بالقلب، ودائما هو مجرد قول اللسان، كقوله تعالى: (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ). |